عرض المقال
تجفيف المنابع أهم من إغلاق المصب
2013-08-15 الخميس
انتهى تنظيم الإخوان ولم ينته فكر الإخوان ولذلك سيعود التنظيم ويتوالد مثل بكتيريا الطاعون وخلية السرطان ما دام هذا الفكر موجوداً، ضربت العصابة ولم يضرب بعد الفكر الذى أفرز هذه العصابة وستفرز بعدها ألف عصابة مثلها مع اختلاف المسميات، نحن الآن ننظف شوارع مصر بعد انتهاء اعتصام الإرهاب المسلح ولكن الأهم أن ننظف عقل مصر من أدران الإرهاب الفكرى والفاشية الدينية، أهم من إغلاق المصب، تجفيف المنابع، ما حدث يوم الأربعاء من فض اعتصامى رابعة والنهضة كان شيئاً جيداً وضرورياً وحتمياً على المستوى الأمنى، فقد بلغ الترويع والإرهاب وغسل الأدمغة وتزييف الوعى حداً سرطانياً بشعاً، وما حدث بعد فض الاعتصام من جنون هيستيرى وتخريب متعمد وحرق وسحل وتمثيل بالجثث وافتقاد لأبسط معانى الإنسانية والوطنية والضمير بل والتدين الذى يتاجرون به ليل نهار أكد صدق توقعاتنا وتقديرنا لمدى إجرام هذا التيار النازى الفاشى المجرم، ولكن هل ملف الإخوان وكافة تيارات التأسلم السياسى هو ملف أمنى فقط؟، هل سنعود إلى نفس خطأ وخطيئة مبارك عندما تعامل مع الإخوان على أنهم مجرد أرقام فى ملفات أمن الدولة؟، عندما تعتقل فلاناً الإخوانى الآن بدون أن تجهض أفكاره الشيطانية وتجفف منابعها وتحرم ورمها السرطانى من الشرايين التى تمده بالغذاء والأوكسجين فسيخرج لك علان إخوانى جهادى تكفيرى بعد سنوات، لأنه ما زال ينهل من نفس النبع المسموم، أنه ما زال يتعلم بنفس طريقة التعليم التى تحرمه من التفكير النقدى وتجعله حتى ولو حصل على الدكتوراة شخصاً مغيباً ينتمى لقطيع السمع والطاعة، يصدق أن جبريل بجانبه فى الاعتصام ويصدق أن المرسى المنتظر إمام للنبى فى الصلاة!، ويصدق أن الجلوس فى الاعتصام فريضة أهم من الحج، ويصدق أن من يشك فى عودة مرسى يشك فى وجود الله!!، إنه ما زال يشاهد نفس قنوات التحريض والتكفير التى تعده بأن شاشتها ستأخذه للجنة!، إنه يغيب ويخدر ويؤهل لإرهاب المستقبل عبر منابر نفس الزوايا التى يبث دعاتها سموم التكفير وبذور الإرهاب فى عقول هؤلاء الضحايا، إنه يقرأ ويشترى من معرض الكتاب ومن دكاكين وبوتيكات الدعوة نفس الكتب عن عذاب القبر والثعبان الأقرع وأن النساء فى قعر جهنم!!، إنه ما زال يمارس لعبة السياسة من خلال أحزاب دينية تتاجر بالمقدس لخدمة المدنس، نعم اعتقلنا اليوم فلاناً الإخوانى، المجرم الإرهابى المسلح الذى أحرق مصر، لكنك لم تحرر بعد العقل المعتقل الذى سيثمر إن عاجلاً أو آجلاً صباراً مراً علقماً وحشائش سامة مميتة وفطريات قاتلة خانقة، لن تتوقف هجرات أسراب الجراد على حقول أرواحنا وخصب عقولنا ما لم نستخدم كيمياء فكرية مستقبلية وسماداً تنويرية غير منتهية الصلاحية قادرة على التعامل مع كل أطوار وتحورات هذا الجراد، قادرة على منحنا محصول إبداع متجدد خلاق مستعد ومهيأ للمواجهة واللحاق بركب الحضارة، إغلاق مصب الإرهاب تكتيك مرحلى ومهم وفعال ومطلوب بشدة ولكن الأهم تجفيف المنابع.